و بعد انتظار عسير، كانت تظهر فيه الدقيقة الواحدة وكأنها ساعة كاملة ، ارتاحت ملاك بعد رؤيتها لسيارة أسرة ياسين و هي قادمة ، فاعتلت البهجة و السرور ملامحها سعادة بقدوم ياسين ، و سارعت إلى ارتداء ملابسها بمساعدة والدتها التي أحضرت لها قفطانا مغربيا جميلا بلونه الباهي و بريقه الساطع ، إضافة إلى حذاء ذي كعب عالي مرصع بحجيرات لامعة ، و قد عمدت ملاك إلى تسريح شعرها الأسود الجذاب الذي يصل إلى خصرها ، فلا بأس بهذه الزينة غير المعتادة مادام أغلبية الحضور من العائلة و المعارف ، فالحفل حفلها .
خرجت ملاك من غرفتها وكلها تألق لاستقبال الضيوف و إلقاء التحية عليهم ، و قد ظهر ياسين بإطلالته الجديدة، بزي رسمي يظهر أناقته وشياكته ، و في يده باقة ورود وبعض الهدايا الملفوفة، فألقت ملاك بالسلام على عائشة أم ياسين وعانقت أخته أمينة ، ثم في خجل منها أشارت لياسين بالتحية ، ياسين الذي وقف مندهشا و مذهولا من شدة جمال ما رأى من ملاك ، فكأنها أميرة في يوم زفافها ، فلم يستطع رد التحية وتلعثم قليلا و جحضت عيناه حبا وعشقا لملاك ، التي بدورها طأطأت رأسها من شدة الخجل. لكن بعد لحظات ، وبعد أن ادارك ياسين الموقف ، قدم لها باقة الورود و الهدايا ، فظهر عليه نوع من الاستياء و الحصرة التي اكتشفتها مباشرة ملاك ، فقد أحست به وأصبحت تقرأ عيونه دون أن يتكلم ، مما دفعها للاطمئنان على حاله ، فاقتربت منه ، و سألته عن سبب استياءه ، فأجابها بصريح العبارات ، أنها تبدو جميلة لكن لو غطت شعرها لكانت ستبدو مثل الورود التي قدمها لها ، هنا شعرت ملاك بانقباض قلبها وانتابتها الصدمة ، فسارعت إلى دخول غرفتها دون تردد ، فتركت ياسين في حيرة من أمره ، إذ رغب في لحاقها والاعتذار من ما صدر عنه من كلمات ، لكن لم يستطع ، حياء من أسرتها وباقي الضيوف ، وجلست ملاك في غرفتها و . . . .