قصة ملاك: الجزء الرابع عشر



حتى سمع أنين وبكاء ملاك على حين غرة، فلم يعرف ما أصابها، إنما سارع إلى مواساتها وطمئنها، وأنه فقط قد عبر عما يخالجه من أحاسيس جياشة تجاهها فلا داعي لذرف الدموع، لكن ملاك لم تكف عن البكاء، فبعد كل ما حصل لها في تلك الليلة المشؤومة أمام أعين الحضور وعيون ياسين، ها هو ذا هذا الأخير يطلب يدها للزواج، لكن ياسين أحبها بكل إخلاص ومن كل أعماق قلبه، فأصبح يراها في كل جميل يمر به، ويحن دوما للقياها وسماع صوتها بفؤاده الولهان قبل أذنيه. استمرت ملاك في البكاء، وياسين يحاول تهدئتها لا غير إذ لم يعد يريد جوابا منها، فدموعها نفيسة ولا ثمن لها عنده، فإذا بها تقاطعه، وتصرح بوضوح العبارات بحبها الجم له، فقد كان أول حب في حياتها، وأول شخص يحبها دون مقابل، لطيف وحسن الخلق، ولم يصدر منه أبدا أي فعل قد يفسد صورته عندها، شاب مثقف وواعي، أنقذها عند الحاجة، وساندها في السراء والضراء حتى حققت مرادها، فكيف لها أن تنسى هذا الجميل وتفكر في شخص غيره، إنها تبادله نفس الحب، ومستعدة لقضاء ما بقي من حياتها معه دون غيره. ففاضت عيون ياسين دمعا بعدما سماعه لهذه الكلمات التي أثلجت صدره وأعادت إحياء الروح في جسده.
مرت الأيام، والتحق ياسين بالمستوى الدراسي الثالث بكلية الطب، وأصبح يعمل صباحا ويدرس مساءا حتى يلبي حاجات أسرته، أما ملاك فقد التحقت هي الأخرى بكلية الطب، واستمرت علاقتهما العاطفية، المبنية على التفاهم والتعاون والحب الكبير، حتى انتهى العام الدراسي، فقرر ياسين خطبة ملاك حتى يعلم الكل أنها له وحده ، فيوقرها بذلك الصغير قبل الكبير ، و هذا ما حدث بالفعل ، فقد أخبر أمه عائشة وأخته أمينة بنيته اتجاه ملاك ، و قد فرحا كثيرا لسماعهما هذا الخبر ، وكذلك ملاك في الجانب الآخر ، قد أخبرت والديها عن الأمر ، فما كان منهم إلا أن وافقوا ، نظرا لمعرفتهم الجيدة بياسين و أسرته المحبوبة ، ثم استعدت هذه الأخيرة و اتفقوا على موعد الخطوبة . . . .

Post a Comment

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

Previous Post Next Post