سائلة إياهم عن وجبة الغذاء، وماذا يحبون لتحضره لهم، فاعتذرت ملاك، فعليها الرحيل الآن، حتى لا تقلق والدتها عليها، فقد وعدتها بعودتها صباحا، لكن أسرة ياسين أصرت على طلبها ببقاء ملاك لمشاركتهم وجبة الغداء، وقد بادرت أمينة إلى إعطاء هاتفها لملاك كي تتصل بوالدتها وتريح بالها، وتخبرها أيضا بعدم حضورها إلا بعد الزوال، فوافقت ملاك أخيرا بعد إصرار أمينة وأمها، واتصلت بوالدتها لتطمئنها على حالها.
فاستمر ثلاثتهم في تبادل الحديث وسرد المستملحات والطرائف، فضحكوا واستبشروا إلى أن ذهبت أمينة لمساعدة أمها لتحضير وجبة الغذاء، تاركة ياسين و ملاك لوحدهما، وقد ظهر على محياها الخجل والحياء، وهو كذلك بالمثل، ليعم جو من الصمت والسكون التام، فجاءت المبادرة من ياسين، ليسأل ملاك عن توجهها الدراسي، ورغباتها بعد اجتياز الثانوية العامة، وقد لاقى تجاوبا كبيرا من طرفها، إذ لطالما رغبت ملاك في حضور جلسة توجيه دراسية لتكون لها دراية كافية وشاملة عن آفاق وتخصصات ما بعد الثانوية العامة، و قد وجدت الشخص المناسب لهذه المهمة، طالب كلية قد مر بنفس المرحلة الدراسية التي تمر منها الآن، و بدون شك سيختصر عليها البحث وعناءه.
بعد جلسة طويلة من التوجيه الدراسي و الاستفادة العامة، انسجم الطرفان معا، وأخذا يتكلمان عن قيمهما في العيش و هواياتهما والأشياء التي يحبونها وطموحاتهم في الحياة بل و حتى عن الأفلام التي تروقهم، وفي هذه اللحظة وفي انتظار تحضير الغذاء، اقترح ياسين على ملاك مشاهدة فلم ما، شككت ملاك في بداية الأمر، لكن وافقت والخجل باد عليها في النهاية، فأسرع ياسين لإحضار هاتفه الذكي من غرفته، فجلسا إلى جانب بعضهما البعض و طرفي السماعات في آذانهما، عرض عليها اختيار الفلم فاقترحت فلم خيال علمي، لكون هذه النوعية من الأفلام تروقها وتوسع من مخيلتها وإبداعاتها، ولعل هذا هو سبب تميزها وتألقها في الدراسة واحتلالها للمراكز الأولى كل سنة، وافق ياسين على طلبها، إذ لا يمكن أن يرفض لها طلبا فقد أعجب بها كثيرا و من النظرة الأولى، كما أن هناك بوادر لإعجابها هي الأخرى به، على العموم، فقد بدآ المشاهدة، يفسران الأحداث العلمية للفلم، يضحكان معا من اللقطات الكوميدية و يخجلان من بعض عند بعض اللقطات الرومانسية فيسرع ياسين لتجاوزها، فاستمرا على هذا المنوال إلى حين الانتهاء من تحضير الغداء و الاستعداد للانضمام إلى المائدة ....