بعد الانتهاء من وجبة الغذاء، حان وقت المغادرة، قامت ملاك من مقعدها شاكرة جزيل الشكر أسرة ياسين، بما فيها الأم عائشة والأخت أمينة اللتان أبديا عن رحابة صدر واسعة و خاطر لم ترى لها ملاك مثيلا، وكأنها جزء من أسرتهم، فاستعد ياسين بدوره لاصطحابها إلى بيت أسرتها مستعيرا سيارة أخته أمينة. عند الخروج من المنزل، بادر ياسين إلى فتح باب السيارة لملاك، كنوع من اللباقة و الشهامة التي واجهتها ملاك بخجل واضح على محياها، صعدا الاثنان إلى السيارة، فأدار محركها استعدادا للرحيل. في بداية الطريق، عم صمت فريد تتخلله ابتسامة من هنا وأخرى من هناك، إلى أن توجه ياسين بسؤال ملأه التردد عن رغبته في قول شيء ما لملاك، فما كان من هذه الأخيرة إلا أن وافقت، عندها و العرق يتصبب من جبينه خجلا، وقد احمرت وجنتاه ،صرح بأنه سيفتقدها كثيرا ويسعى للحصول على رقمها الهاتفي كي يستمر التواصل و الحديث بينهما، صمتت ملاك للحظة حياء مما سمعته من ياسين، ثم أجابته بعد أن استجمعت أنفاسها، أنها تبادله نفس الإحساس، وقد ارتاحت لصحبته، فهو شاب ذو مروءة سامية وأخلاق عالية، لطيف وحسن المعشر ، و يستحق الوثوق به ، ناهيك عن إنقاذه لها من المدعو هشام، الذي كاد يدمر حياتها تآمرا مع من كانت تظنهن صديقات، لما سمع ياسين هذه الكلمات من ملاك ، شعر وكأنه يطير فرحا وسرورا ، وكأنه قد وجد أخيرا نصفه الآخر الذي بحث عنه منذ سنوات ، وقبل أن تكمل ملاك كلماتها العفوية التي اخترقت قلب ياسين دون سابق إندار ، سارع إلى إعطائها سوارا كان يرتديه كعربون عن تشرفه بمعرفتها، لم تصدق ملاك ما رأته ، فهذه أول مرة يهديها شخص هدية غير أبويها الحبيبين، فأخذته وشكرته على حسن صنيعه .
وصلا إلى بداية الشارع المؤدي إلى منزل ملاك، فاقترحت عليه أن ينزلها هنا، فمجتمعنا لا يرحم ، وتأويلات الأفراد لا نهاية لها ، فأشار ياسين بالإيجاب ، ثم ودعا بعضهما البعض والبشرى لم تفارق وجههما ، وما إن ابتعدت عنه خطوتين، حتى عادت إليه مسرعة . . . .