قصة ملاك: الجزء الخامس













غادرت ملاك الغرفة رفقة ياسين، والدموع تملأ عيونها متجهين إلى الصالون حيث تحتفل صديقاتها الماكرات، اللاتي لم ينتهين عن التمثيل مبدين عن دهشتهن و حزنهن حين رؤية ملاك المنكوبة، لكن الفرحة و السرور يغمران بواطنهم، فقد أحسوا بطعم النصر ظنا منهم أنهم دمروا حياة ملاك بفقدانها لشرفها، وأن المؤامرة سارت كما خطط لها مع هشام. لكن هيهات هيهات، فجمال ملاك الفاتن وبراءتها الطفولية لم يؤثرا يوما عن شخصيتها القوية و مقاومتها المستمرة، لكن ما أحزن خاطرها، هو كشفها لمكر فتيات كانت تحبهن و تعتبرهم صديقات مقربات، فأي ذنب اقترفت كي تنال هذا الجزاء! فهي لم تفكر يوما في أذية إحداهن أو تعكير مزاجها، حتى من اعتبرتها أعز صديقاتها، و هي نزهة تآمرت عليها، فلم تسلم من مكرها وكيدها. سقطت ملاك على ركبتيها من شدة صدمتها، مما لاقت من صديقاتها اللاتي لم يزدهم خطابها الخلوق إلا حقدا وكراهية، فأخدت ملاك بالبكاء والأنين، حتى ساعدها ياسين على النهوض والدموع حبيسة عيونه من بشاعة ما رأى من مكر وحقد، واعظا إياها بأن تكون قوية وصبورة وأن تنسى ما جرى وتستمر بحياتها بعيدا عن هؤلاء، لكن ملاك لم تستوعب الأمر بعد فقد كادت تفقد شرفها وشرف عائلتها بسبب من كانت تعتبرهم أقرب الناس إليها، فبكت بحرقة شديدة و خرجت من المنزل مسرعة لتجد هشام على عتبة الباب، رمقته بنظرة تتغشاها الحصرة و تملأها الدموع، ثم أكملت طريقها، فما كان من هشام إلا أن أحس بالندم و تأنيب للضمير و ظلم لفتاة عفيفة بريئة لم يرى منها إلا الجميل، لكن حيث لا ينفع الندم. لحق ياسين بملاك ليجد هو الآخر هشام على عتبة الباب، فعاتبه عتابا يشهد فيه عن خيانة لعشرتهما الطويلة و نهاية دائمة لصداقتهما، حاول هشام توضيح الأمور لياسين، لكن هذا الأخير دفعه وأسرع مغادرا هذا المنزل المشؤوم.
ملاك، هي الآن وسط ظلمة الليل و خلوة الأزقة، والخوف ظاهر على محياها، إذ لا تملك أدنى فكرة عن خطوتها التالية، إذ لا يمكنها الرجوع إلى بيت أسرتها في هذا الوقت المتأخر من الليل، ولا يمكنها أيضا المكوث في الشارع خوفا من الظلمة وما يصاحبها من شياطين آدمية تتربص بفرائسها المقبلة، فلجأت إلى ركن فارغ بالشارع، فجلست واضعة يديها على رأسها والدموع لم تفارق عيونها، فجأة، ودون سابق إنذار، رأت ....

Post a Comment

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

Previous Post Next Post